وزير العدل: تضافر الجهود الدولية هو الطريق الأمثل لمكافحة الجريمة
قال وزير العدل الدكتور عوض أبو جراد المشاقبة إن تضافر الجهود الدولية هو الطريق الأمثل في سبيل مكافحة الظاهرة الإجرامية التي لم يعد مكافحتها وملاحقة مجرميها والقبض عليهم ومحاكمتهم شأناً وطنياً خالصاً بل غدت بتجاوزها الحدود الوطنية للدول ذات طابع دولي.
وأضاف خلال رعايته ندوة التعاون القضائي الدولي في مجال العدالة الجزائية اليوم الاثنين، أن دولا كثيرة أدركت أهمية تضافر الجهود الدولية في سبيل مكافحة الجريمة مما عزز التعاون الدولي في المسائل الجزائية وتطوير وسائله التي أصبحت محل اهتمام المجتمع الدولي لتوحيد جهوده في استئصال شأفة الجريمة والتصدي لظاهرة تدويل الجريمة وعبورها حدود الدول.
وقال إن التطور تحت مظلة القانون الجنائي الدولي أسفر عن اعتماد المعاهدات والمواثيق الأممية التي من شأنها مكافحة الجريمة بمختلف أشكالها وتيسير القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة أمام المراجع القضائية المختصة، مثلما أصبحت تلك المعاهدات والاتفاقيات من أهم أدوات ومقومات العلاقات الدولية لمواجهة ما هو سائد من أن الحدود الدولية تعترض القضاة دون الجناة.
وأفردت المعاهدات والمواثيق الأممية أحكاماً خاصة بالتعاون الدولي تتسم بالمرونة والسرعة اللازمتين في تقديم كافة أشكال المساعدة القانونية المتبادلة سواء في مجال تسليم المجرمين أو نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية أو في مجال المساعدة القضائية المتبادلة في المسائل الجزائية بحسب الوزير المشاقبة، الذي أشار إلى أن الأردن صادق على معظم الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الجريمة على الصعيد الدولي التي أصبحت تسمو على القوانين الوطنية ولها الأولوية في التطبيق في حال تعارض أحكامها مع أحكام هذه القوانين، فيما أقرت محكمة التمييز الأردنية هذا المبدأ في العديد من الأحكام القضائية ذات الصلة.
وفي هذا السياق أشار المشاقبة إلى توقيع اتفاقيتي ( تسليم المجرمين) و (المساعدة المتبادلة في المسائل الجزائية) بين الحكومتين الفرنسية والاردنية في باريس عام 2011، واللتين تصلحان أن تكونا إطاراً عاماً لأوراق العمل التي ستقدم خلال الندوة التي تأتي بالتعاون ما بين وزارة العدل والمعهد القضائي الأردني والسفارة الفرنسية والمدرسة الوطنية للقضاء في فرنسا.
وبين وزير العدل أن تسليم المجرمين يعد من أبرز أشكال المساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجزائية لكونه يتعلق بالأشخاص المطلوب تسليمهم لتوجيه الاتهام إليهم أو محاكمتهم، مشيراً إلى أن أغلب الاتفاقيات الدولية فرضت على الدول إلزام المساعدة المتبادلة في المسائل الجزائية عامة، وفي مجال تسليم المجرمين خاصة، مما حدا بأغلب الدول إلى إبرام اتفاقيات ثنائية لترسيخ آليات التعاون القضائي الدولي، مثلما أبرمت الحكومة الأردنية اتفاقيات متعددة مع أغلب الدول في مجال المساعدة القانونية ومن ضمنها الاتفاقيات الموقعة بين فرنسا والأردن.
وتم التوافق بين وزارة العدل والمجلس القضائي الموقر عام 2008 على أسس المجاملات الدولية ومبدأ المعاملة بالمثل وفق الوزير المشاقبة، التي يمكن على أساسها تنفيذ طلبات المساعدة القضائية ليتم التعامل مع كل طلب بشكل منفصل، والوقوف على كافة الجوانب المتعلقة به سواء كانت قانونية أو سياسية أو غيرها إذا تحققت في طلب المساعدة الأسس اللازمة لتنفيذه، مشيراً إلى أن الخطوة جاءت وفاء من المملكة الاردنية الهاشمية بالتزاماتها الدولية، واعترافاً منها بأهمية التعاون الدولي، وإظهاراً للمرونة اللازمة في التعامل مع ما يرد من طلبات مساعدة قضائية في حال عدم وجود اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف يمكن على أساسها تنفيذ هذه الطلبات.
ولفت إلى إنشاء مديرية خاصة بالتعاون الدولي في وزارة العدل لتكون بمثابة حلقة الوصل بين النيابة العامة والمحاكم والوزارات المعنية في الدولة، فيما شكلت لجنة دائمة للاتفاقيات الدولية تتولى إعداد مشاريع الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف في المجالين القانوني والقضائي تضم في عضويتها كوكبه من القضاة المؤهلين في هذا المجال، كما شكلت لجان دائمة تعنى بمواضيع نقل المحكوم عليهم، وتسليم المجرمين، وذلك في سبيل توفير السرعة اللازمة للتعامل مع هذه الطلبات.
بدوره، عرض السفير الفرنسي في عمان دافيد بيرتولوتي برنامج الندوة التي تستمر ليومين، لافتاً إلى أهمية التعاون القضائي الدولي بين القضاة والمدعين العامين في كلا البلدين.
وقال إن مجالات التعاون القضائية بين الأردن وفرنسا تشهد تيسيراً منذ آب 2015 من خلال بدء سريان اتفاقيتين ثنائيتين بشأن المساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المجرمين.
وأشار إلى أن "هذه الندوة التي يشارك فيها قضاة فرنسيون وأردنيون وفلسطينيون ستمكننا من معالجة الصعوبات والتحديات الرئيسية للتعاون القضائي الدولي".
وقال مدير عام المعهد القضائي الأردني الدكتور ثائر العدوان إن "الندوة السنوية تأتي في وقت أحوج ما نكون فيه إلى التعاون في هذا المجال لمكافحة ظاهرة انتشار الجريمة وعلى رأسها الجرائم الارهابية ومما يكتسبه التعاون ما بين الدول من أهمية كبرى في هذا المجال لمكافحة هذه الجرائم، خاصة في ظل ما يشهده عالمنا المعاصر من تطور هائل في مجال تكنولوجيا المعلومات وما تشكله هذه الوسيلة من ادوات مهمة لتسهيل ارتكاب هذه الجرائم".
وأشار إلى الدور الذي ينهض به المعهد القضائي في تعزيز أواصر التعاون الدولي في المجال القانوني بين الأردن ومختلف الدول، وقال إن المعهد القضائي يحتضن مقر السكرتاريا الدائمة للشبكة الاوروبية العربية للتدريب القضائي التي تشكل مركزاً اقليمياً ودوليا للتدريب القضائي.
وأوضح الدكتور العدوان أن تركيز المعهد القضائي لا ينحصر فقط على المجال المحلي، لكون المعهد يشكل بيت خبرة قانونيا، ومن واجبه تقديم الدعم القانوني في المجالات المتخصصة لكل محتاج، مشيراً إلى أن مجلس إدارة المعهد أقر الدور المهم الذي يمكن أن يلعبه المعهد في مجال التوعية القانونية المجتمعية، وسيفعل هذا الدور قريباً بصورة جلية تعكس اهتمام مجلس الإدارة في الاهتمام بالفئات المحتاجة إلى الدعم القانوني.
وحول الخطط المستقبلية للمعهد، أشار العدوان إلى تطلعات المعهد المستقبلية التي جذرت في الخطة الاستراتيجية للمعهد للأعوام الخمسة المقبلة 2017-2021، والتي بنيت على أفكار حديثة لتطوير دور المعهد في دعم الجهاز القضائي والأجهزة المساندة سواء كان ذلك في اختيار مواضيع التدريب المستحدثة والمتخصصة أو اتاحة الوسائل التعليمية الحديثة وعلى رأسها التعليم الالكتروني، وقال: إن خططنا طموحة وملبية لاحتياجات الجهاز القضائي ونحن واثقون أننا سنصل إلى مرتبة يتمناها كل معني بالشأن القانوني والقضائي.
وفيما يتعلق بمواضيع الندوة أعرب العدوان عن ثقته بمساهمتها في ترسيخ فهم أكبر للعلاقة ما بين المؤسسات المشاركة وبالنتيجة ما بين الدولة الأردنية وباقي الدول على وجه العموم، والجمهورية الفرنسية الصديقة على وجه الخصوص.
ويحاضر في الندوة المدعي العام في محكمة استئناف ليون جويل صولييه ونائب الرئيس المكلف بالتحقيق في محكمة البدايات الكبرى بباريس ريجيس بيير، حيث يلقون الضوء على نظام العقوبات الفرنسي وآليات وهيئات التعاون الدولي، إضافة إلى شرح اتفاقية تسليم المجرمين واتفاقية المساعدة المتبادلة في المسائل الجزائية بين حكومة الجمهورية الفرنسية وحكومة المملكة الاردنية الهاشمية الموقعتان في باريس في تموز 2011، والتعرض إلى ملف المساعدة المتبادلة وتسليم المجرمين يمثل فرصة حقيقية للمشاركين في الوصول إلى فهم مشترك لهذه النقاط الهامة خاصة أن النقاش متاح اثناء الجلسات للمشاركين مع الخبيرين.