التلهوني: قانون جديد لأصول المحاكمات المدنية
اعلن وزير العدل الدكتور بسام التلهوني ان الوزارة انتهت مؤخراً من إعداد مشروع قانون اصول المحاكمات المدنية والذي تم اقراره من مجلس الوزراء وارساله لديوان التشريع والراي لكي يرسل في مرحلة لاحقة لمجلس الامة.
وقال التلهوني في تصريحات صحفية امس انه في ضوء تطبيق قانون أصول المحاكمات المدنية الحالي لمدة زمنية طويلة فقد ظهرت العديد من نقاط الضعف في بعض النصوص الناظمة للإجراءات التي تحكم سير الدعوى المدنية ، والتي لوحظ انها تؤدي في بعض الاحيان لزيادة أمد التقاضي وتأخر صدور الاحكام، مما يؤدي بالنتيجة لاعاقة وصول صاحب الحق الى حقه ضمن فترة زمنية معقولة وهو ما يؤثر بالنتيجة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للدولة والمواطنين.
ويهدف مشروع القانون الجديد الى الوصول للعدالة الناجزة مع الحفاظ على حقوق المتقاضين ، ولتطوير إجراءات التقاضي على النحو الذي يخدم سير تلك الدعاوى ضمن حالتها الفضلى ، سعياً للحد من المماطلة والتسويف وقد قامت وزارة العدل وبالتعاون مع السلطة القضائية بتشكيل لجنة متخصصة من القضاة المختصين بالاضافة الى المحامين والاكاديميين ورجال القانون وقاموا بدراسة ورصد النصوص القانونية في القانون الحالي والتي تؤدي الى تاخر الدعاوى واقتراح حلول لها.
واشار التلهوني الى ان مشروع القانون الجديد قد الغى نصوص اجراءات التبليغات وترك تنظيم موضوع التبليغات بنظام يصدر لذلك وذلك لتحقيق مرونة اكبر في التعامل مع أحكام التبليغات ومواكبتها لتطورات العصر الحديث كلما استدعت الحاجة لذلك حيث تبنى مشروع القانون الاخذ بالوسائل الالكترونية الحديثة لإجراء التبليغ بواسطة البريد الالكتروني للمحامي أو بواسطة إرسال رسالة نصية إلى المحامي بواسطة هاتفه النقال، مما يساعد بالحد من المماطلة في إجراءات التقاضي بحجة عدم التبلغ ، الامر الذي يترتب عليه اجراءات ومدد طويلة ، وقد عالج مشروع القانون ظاهرة العناوين الوهمية و الحد من امكانية أن يدفع احد أطراف الدعوى بعدم صحة تبلغه لانذار عدلي او للائحة دعوى الأمر الذي قد يترتب عليه الغاء القرار من قبل محكمة الاستئناف او محكمة التمييز وعودة الدعوى الى مراحلها الأولى مما كان يؤدي الى تأخر الدعاوى بشكل ملحوظ.
وتميز مشروع القانون بالزام الاطراف بجدول لتقديم البينات وسماع الشهود وغير ذلك من الامور التي تستدعي السير بالدعوى والفصل بها ضمن مدة محددة مما سينعكس ايجابيا على الفصل بالقضايا بسرعة وفقا لما مطبق في الانظمة القضائية المقارنة.
ولفت التلهوني الى ان مشروع قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد قد نص على تنظيم إجراءات تقديم البينات من قبل أطراف الدعوى بما يضمن عدم المماطلة والتسويف حيث اوجب القانون على الطرف طالب البينة تقديمها وليس مجرد تسميتها ، واوجب تسمية البينات الموجودة تحت يد الغير وتقديم صور عنها و تم وضع جزاء على المدعي الذي لا يقدم البينة أسوة بالمدعى عليه ، كما سمح المشروع المعدل للمتقاضين تسجيل الدعاوى وتبادل لوائحها ودفع رسومها الكترونيا مما سيؤدي لاختصار وقت التقاضي بين المتقاضين.
وقال ان مشروع القانون المعدل تضمن احكاما مستحدثة من شأنها ان تؤثر ايجابا في عملية التقاضي وسرعة الفصل بالدعاوى بما يحقق العدالة الناجزة من خلال إجازة سماع الشاهد ضمن محضر أمام كاتب العدل او امكانية اللجوء لسماعه بوسائل التكنولوجيا الحديثة في بعض الحالات.
واكد التلهوني ان التعديلات الجديدة عالجت مواطن القصور والضعف في بعض النصوص التي تعرقل سير الدعوى او تبطئ من سير الاجراءات خاصة الاجراءات المتعلقة بالخبرة حيث تعتبر الخبرة من أبرز ما يعيق نظر الدعاوى في الدعاوى التي يحتاج الفصل فيها الى اجراء خبرة معينة حيث يستغرق اختيار الخبير ثم دعوته ثم قيامه بإجراء الخبرة وتقديم خبرته الى المحكمة ومناقشته من قبل الاطراف وصولا الى اصدار المحكمة لقرار بخصوص الخبرة وقتا طويلا ، حيث اجاز مشروع القانون انتقال المحكمة لإجراء الكشف إذا رأت ضرورة لذلك أو بناء على طلب احد الخصوم ودون الزام لهيئة المحكمة الانتقال لاجراء الخبرة مع مراعاة ضوابط معينة وفق ما تراه المحكمة مناسبا لاجراء الخبرة وإجازت نصوص مشروع القانون للمحكمة الاستعانة بالقوة الجبرية لإجراء الكشف والخبرة. موضحا ان نصوص مشروع القانون قد اجازت للمحكمة اعتبار طالب الخبرة المقصر متنازلا عن إثبات الواقعة المراد إثباتها بالخبرة واجازت ايضا إسقاط الدعوى بان تقرر شطب الدفاع موضوع الإنكار في حال رفض الحضور لإجراء الاستكتاب أو رفض إجراء الاستكتاب للمحكمة.
ولفت التلهوني الى ان التعديلات عالجت الطلبات التي تقدم بالدعاوى اثناء المحاكمة والتي تعد من أكبر العوائق امام سير اجراءات الدعاوى سيرا طبيعيا والفصل بالدعاوى خلال مدة زمنية محددة، حيث لاحظت اللجنة ان المادة (109) من قانون أصول المحاكمات المدنية تحتاج لمراجعة تشريعية بهدف تسريع اجراءات التقاضي حيث أرتأت اللجنة بالنص على أن الحكم الصادر بالدفوع يقبل الاستئناف مع موضوع الدعوى ، مبينا ان اللجنة قد لاحظت النصوص الحالية تؤدي الى ان تستغرق الاجراءات عددا من السنين قبل ان تبدأ المحكمة في بعض الاحيان نظر موضوع الدعوى، وبذلك تم تلافي الوضع الحالي القائم بحيث يتم استئناف القرار الصادر في الطلبات مرة واحدة مع استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى كما تم النص على وجوب تقديم الدفوع ضمن المدة المحددة لتقديم الجواب والبينات تحت طائلة الرد شكلاً الأمر الذي يلعب دورا هاما في الوصول الى العدالة الناجزة.
ومن التعديلات الهامة التي ادخلها مشروع القانون وفقا لوزير العدل هو إلغاء الفقرات (3 و 4 و 5) من المادة (115) بالنسبة للمدعي وذلك حتى تقتصر الدعوى على موضوع وأسباب الدعوى وفقاً للائحة الدعوى الأصلية ، وإلغاء الفقرتين (2 و 4) من المادة (116) حيث اقترحت اللجنة إلغاء الادعاء المتقابل اختصاراً لإجراءات التقاضي ، وبهذا التعديل تبقى الدعوى محصورة فقط بموضوعها دون اقحام اي موضوع اخر فيها بحيث يقتصر بحث المحكمة على موضوع الدعوى فقط دون اي ادعاءات اخرى جانبية مما يسهم في الفصل بالدعوى بالسرعة الممكنة.
واكد التلهوني ان التعديلات راعت مبدأ التقاضي على درجتين وعدلت الأحكام الناظمة للاستئناف والتمييز حتى لا تكون مرحلة الاستئناف مرحلة طويلة زمنيا ويتم الفصل في الاستئناف بالسرعة الممكنة ، بحيث أصبحت الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم الصلح تستأنف إلى محكمة البداية ، نظرا للانتشار الواسع لمحاكم البداية وتسهيلاً على المتقاضين ولتخفيف العبء على محاكم الاستئناف وتمكينها من الفصل بباقي الاستئنافات الداخلة ضمن اختصاصها بسرعة أكبر ، كما انه تم اقتراح مجموعة من التعديلات التي تساهم في سرعة الفصل في الدعاوى الاستئنافية ، وفق التعديلات المقترحة نظر الاستئناف تدقيقاً في حال كانت قيمة الدعوى لا تزيد على مائتي ألف دينار خلال مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر والإجازة لمحكمة الاستئناف إعادة النظر في قرارها إذا ردت الاستئناف شكلاً خلافاً لحكم القانون و اجازت فرض غرامة لا تتجاوز خمس المبلغ المحكوم به في حال تكرار استئناف ذات القرار وذلك للحد من الاستئنافات المتكررة وغير الجدية في بعض الاحيان.
واضاف انه تم إجراء بعض التعديلات على الأحكام القانونية لتمييز الاحكام الصادرة عن المحاكم بهدف تخفيف العبء على محكمة التمييز الأمر المتوقع ان يمكنها من الفصل بالدعاوى المنظورة أمامها بالسرعة الممكنة واقترحت اللجنة رفع قيمة الدعاوى التي يكون الحكم الصادر فيها قابلا للتمييز الى خمسين الف دينار بحيث أصبحت الأحكام القابلة للتمييز هي الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف في الدعاوى التي تزيد قيمتها على خمسين الف دينار ، أما بالنسبة للأحكام والقرارات الاستئنافية الأخرى فلا تقبل الطعن بالتمييز الا بإذن، وحفاظا على حقوق الخصوم فقد تم تعديل الأحكام الخاصة بمنح إذن التمييز بحيث أصبح منح إذن التمييز من هيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة من قضاة محكمة التمييز ، وحتى لا يكون طلب منح الإذن للمماطلة تم اعتبار الإذن كأن لم يكن إذا لم يقدم التمييز خلال ستين يوما من اليوم التالي لتاريخ صدور قرار منح الإذن.
واكد التلهوني ان التعديلات لم تغفل معالجة الدعاوى الكيدية حتى لا تكون الدعاوى او اي دفع يبدى فيها كيديا فقد اقترحت اللجنة الإجازة للمحكمة اذا قصد من الدعوى او الدفاع فيها مجرد الكيد او التعنت الحكم بالتعويض على من قصد ذلك بما يعادل 10% من قيمة الدعوى او المبلغ المحكوم به.
وتوقع التلهوني ان يؤدي مشروع القانون الجديد الى تسريع البت في القضايا وهو ما يصبو له المجتمع باكمله مع الاخذ بالاعتبار الاثر الايجابي بالتشريعات والتي سبق للوزارة ان قدمتها سابقا كقوانين الوساطة واصول المحاكمات الجزائية مع الاشارة الى ان الوزارة وبالتعاون مع السلطة القضائية ستعمل على تقديم قوانين اخرى تصب في تقصير امد التقاضي ومنها مشروع جديد لمحاكم الصلح والتحكيم.