بدء اعمال المؤتمر الدولي حول مناهضة التعذيب في البحر الميت
البحر الميت 26حزيران (بترا)– مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني افتتح رئيس محكمة التمييز، رئيس المجلس القضائي الدكتور هشام التل، اليوم الاربعاء المؤتمر الدولي حول مناهضة التعذيب والحد من التوقيف قبل المحاكمة، الذي نظمه المجلس القضائي بالتعاون مع وزارة العدل والمركز الدنماركي العربي/ وزارة الخارجية الدنماركية لمناهضة التعذيب في فندق كراون بلازا/ البحر الميت بمشاركة عدد من الدول العربية والاوروبية ومنظمات دولية ومؤسسات حكومية وغير حكومية ومنظمات مجتمع المدني.
واكد وزير العدل الدكتور أحمد الزيادات خلال المؤتمر أن التعذيب جريمة بشعة من أبشع الجرائم، لما تمثله من امتهان لكرامة الانسان ومساس بأسمى حقوقه، مشيرا الى أن جميع الدول حظرت التعذيب وعاقبت مرتكبيه وأن الاردن من أوائل الدول التي جرمت أفعال التعذيب.
وبين الدكتور الزيادات ان معالجة مراحل التعذيب في التشريعات الاردنية مرت بثلاث مراحل أساسية، حيث مرت المرحلة الاولى وهي ما قبل المصادقة على اتفاقية التعذيب لسنة 1984 وخلال هذه المرحلة حظر المشرع الاردني التعذيب وعاقب مرتكبيه، في حين حظرت التشريعات الاردنية التعذيب بعد المصادقة على اتفاقية مناهضة التعذيب عام 2006 وهذه هي المرحلة الثانية.
واشار الى ان الاتفاقية وضعت تعريفا واسعا للتعذيب يشمل التعذيب الجسدي والمعنوي، كما تطلبت من الدول الاطراف ضرورة تجريم أفعال التعذيب في تشريعاتها الجزائية.
وأضاف ان الاردن عمل على تعديل المادة 208 من قانون العقوبات الاردني بموجب القانون المعدل رقم 49 لسنة 2007 حيث تبنى المشرع في النص المعدل تعريف التعذيب كما ورد في الاتفاقية واستبدل عبارة "العنف والشدة" الواردة في النص السابق بكلمة "التعذيب"، كما نصت المادة 2008 على عقوبات بعد التعديل على عدم جواز الاخذ بالأسباب المخففة في جرائم التعذيب وعدم جواز وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها.
وأشار الدكتور زيادات الى ان المرحلة الثالثة من مراحل حظر التعذيب في التشريعات الاردنية تمثلت في حظر التعذيب صراحة في نصوص الدستور الاردني لسنة 2011 حيث نصت الفقرة الثانية من المادة الثامنة من الدستور الاردني المعدل لسنة 2011 على "كل من يقبض عليه أو يوقف أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ كرامة الانسان، ولا يجوز تعذيبه بأي شكل من الاشكال أو ايذاؤه بدنيا او معنويا، وكل قول يصدر عن اي شخص تحت وطأة أي تعذيب أو ايذاء أو تهديد لا يعتد به"، داعيا الى مراجعة نصوص التشريعات الاردنية لإدخال ما يلزم من التعديلات لضمان اتساقها مع النص الدستوري.
وفيما يتعلق بالتوقيف ما قبل المحاكمة اشار الى ان الفقرة الاولى من المادة الثامنة من الدستور نصت على عدم جواز القبض على اي شخص او توقيفه او حبسه او تقييد حريته الا وفق احكام القانون، مشيرا الى ان المشرع الاردني نظم احكام التوقيف في المادة 114 من قانون اصول المحاكمات الجزائية بحيث لا يتم التوقيف الا وفق ضوابط، سواء من حيث مدد التوقيف او من حيث الجرائم التي يجوز فيها التوقيف، اضافة الى وضع دليل ارشادي حول اجراءات التوقيف، وتضمن هذا الدليل ضوابط التوقيف وشروطه ومبرراته والقيود التي ترد على سلطة النيابة العامة والمحاكم في التوقيف واخلاء السبيل.
من جانبه اكد امين عام وزارة العدل بالإنابة، مدير التفتيش القضائي، رئيس الفريق الوطني لمشروع كرامة، القاضي الدكتور مصطفى العساف أن مناهضة التعذيب والحد من التوقيف قبل المحاكمة تشكل موضوعا خصبا بالغ التنوع فسيح الجنبات, تجمع سماته الرئيسية ودعامته الاساسية حماية تشريعية واخرى قضائية تصوغ أولاها السلطة التشريعية بما تسنه من قوانين وتضعه من ضوابط وقواعد.
وقال "ان هذه البسيطة شهدت شتى انواع التعذيب قسوةً وضراوةً, وترتب على ذلك نتائج وخيمة وادانة ابرياء، وأفلت مجرمون من العقاب، وشوهت العدالة واختل ميزانها والانصاف, وعلى اثر ذلك تعالت اصوات المنادين باحترام كرامة الانسان, وابرمت المعاهدات الدولية التي تحظر التعذيب للحيلولة دون ادانة البريء ومعاقبة مرتكبيه وتعويض ضحاياه".
وأشار الى ان هذا المؤتمر هو الأول من نوعه على المستويين المحلي والإقليمي، باعتباره بداية جديدة للجهود الحكومية الوطنية والدولية في مواجهة الممارسات الفردية غير المسؤولة التي تندرج تحت إطار التعذيب وسوء المعاملة اللاإنسانية، المحظورة على المستوى الوطني والدولي، ويشكل نقطة انطلاق لتسليط الضوء على الإشكاليات التي تحيط بموضوع التوقيف ما قبل المحاكمة، والتي تشكل مخالفتها للقواعد القانونية الراسخة انتهاكا صارخا لحرية الأفراد من ناحية إنسانية.
ولفت الى لاسعي من خلال المؤتمر إلى حشد الجهود الدولية والمحلية للحد من تلك الممارسات، وتسليط الضوء على المعايير الدولية والضمانات التي تكفل التأكيد على حرية الفرد دون المساس بها، إلا ما جاء متفقاً واحكام القانون، والبحث في سبل بديلة للتوقيف ما قبل المحاكمة من خلال تبادل الخبرات بين الدول المشاركة في هذا المؤتمر، الذي سيعمل على تقريب وجهات النظر بين السلطات الحكومية والرسمية ومنظمات المجتمع المحلي لمنع وقوع مثل هذه الممارسات وتكرارها.
وقال "إننا نطمح من عقد هذا المؤتمر الى تحديد نقاط الضعف وتلافيها في القوانين الوطنية، والمتعلقة بتجريم ممارسات التعذيب ومعاقبة الجناة، ومناقشة مبررات التوقيف ما قبل المحاكمة في ظل قاعدة أن الأصل هو براءة الانسان، بهدف التوصل إلى الآليات والحلول القانونية والفنية والعملية لزيادة كفاءة النظام القانوني، وهذا سيتأتى أيضاً من خلال عملية تبادل الخبرات بين البلدان، ولا سيما الدول المشاركة التي تعكس العديد من النظم القانونية المختلفة والتطبيقات القضائية المختلفة".
من جهتها ثمنت مديرة مركز كرامة الدنماركي ارين فيرلاند اريد ان رعاية جلالة الملك عبدالله الثاني لهذا المؤتمر الذي يأتي بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب لحماية حرية وكرامة الانسان.
واكدت ضرورة تقديم العون والمساعدة لأي شخص يتعرض للإساءة أو التعذيب، مشيرة الى "أننا نعمل في أكثر من 25 دولة للدفاع عن كرامة الانسان" واكد المنسق الاقليمي لبرنامج الشراكة الدنماركي العربي/ وزارة الخارجية الدنماركية جينس هارلوف ضرورة مناهضة التعذيب والمحافظة على الكرامة الانسانية اينما وجدت لأنها حق لكل انسان وان انتهاكها يشكل جريمة في حق البشرية جمعاء.
واكد ان التعذيب يعتبر اسلوبا غير انساني ويجب انهاؤه ولا بد من وقف مثل هذه الانتهاكات لحقوق الانسان وكرامته وذلك من خلال وجود مؤسسات حكومية محلية فاعلة لوقفه ومن خلال تعاونها جميعا مع منظمات ومؤسسات دولية تعني بهذا المجال.
ويناقش المشاركون في المؤتمر على مدى يومين عدة محاور في عدد من الجلسات، يرأس اولاها المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الانسان/ الاردن الدكتور موسى بريزات وتتناول النظم القانونية الوطنية في ضوء اتفاقية مناهضة التعذيب والمواثيق الدولية والاقليمية.
وتتناول الجلسة الثانية التي يرأسها قاضي محكمة التمييز، مدير المكتب الفني لمحكمة التمييز القاضي محمد عبده شموط "وسائل الوقاية والحماية للحد من التعذيب من حيث تطبيقات قضائية دولية في محاكمة مرتكبي التعذيب ودور النيابة العامة في الوقاية وملاحقة الجرائم اضافة الى دور الطب الشرعي في المناهضة".
وفي المحور الثاني بعنوان الحد من التوقيف ما قبل المحاكمة ويرأسها الوزير السابق غالب الزعبي تتناول جلسته الاولى ضوابط التوقيف، والتوقيف ما قبل المحاكمة، والمعايير الدولية والتطبيقات، في حين تتناول الجلسة الثانية ضمانات وحقوق المحتجزين ويرأسها قاضي محكمة التمييز ناصر التل.
وتتناول محاور عمل يوم غد الخميس اربع جلسات عمل حول رعاية وتأهيل ضحايا التعذيب وتعويضهم وبدائل التوقيف واعداد التوصيات اضافة الى جلسة ختامية تعرض فيها التوصيات والنتائج.
ويهدف المؤتمر الى حشد الجهود الدولية والمحلية للقضاء على جميع الممارسات التي تعتبر شكلا من اشكال التعذيب او المعاملة اللاانسانية اضافة الى مناقشة المفهوم القانوني للتوقيف ما قبل المحاكمة، وبحث الاجراءات القانونية السليمة لتقريره وتشجيع اللجوء الى بدائل التوقيف.
ويشار الى ان هذا المؤتمر يعتبر الاول من نوعه على المستويين المحلي والاقليمي وسيكون بداية جديدة للجهود الحكومية والوطنية والدولية في مواجهة الممارسات الفردية غير المسؤولة التي تندرج تحت اطار التعذيب وسوء المعاملة اللاانسانية المحظورة على المستوى الوطني والدولي.
كما يشكل نقطة انطلاق لتسليط الضوء على الاشكاليات التي تحيط بموضوع التوقيف ما قبل المحاكمة والتي تشكل انتهاكا صارخا لحرية الافراد من ناحية انسانية.