مشروع قانون جديد لمحاكم الصلح

انهت وزارة العدل بالتعاون مع السلطة القضائية مؤخراً إعداد مشروع قانون جديد لمحاكم الصلح، وارسل الى ديوان التشريع والراي بعد موافقة مجلس الوزراء، لاستكمال اجراءات اقراره حسب الاصول الدستورية، وفقا لما اعلنه وزير العدل الدكتور بسام التلهوني.

وقال الدكتور التلهوني في تصريحات صحفية اليوم السبت أن محاكم الصلح في المملكة تعد من المحاكم المجتمعية التي تعمل على حل النزاعات الاكثر انتشاراً بين الناس بحيث تبذل المحكمة جهوداً في حث المتنازعين على التسوية.

واضاف ان قانون محاكم الصلح يعد من القوانين التي مر عليها مدة طويلة من الزمن ويحتاج الى عدد من التعديلات التي يمكن ان تسهم في اختصار اجراءات التقاضي وتواكب تطورات العصر الحديث، لذا كان لابد من مراجعة احكامه ومعالجة مواطن الضعف والقصور فيه وسد الثغرات القانونية التي تشوبه، وتطوير بعض احكامه. 

ووفق التلهوني كان لا بد من ادخال تعديلات مقترحة عليه بحيث تساهم في اختصار اجراءات الدعاوى الصلحية وتعمل على تقصير امد التقاضي وتحد من المماطلة والتسويف في هذه الاجراءات الأمر الذي يسهل الوصول الى العدالة الناجزة. 

ولفت الدكتور التلهوني الى ان التعديلات اعادت تنظيم اختصاصات محاكم الصلح  بشكل واضح واستحدثت اختصاصات جديدة تساهم في تفعيل دور قضاة الصلح في حل الخلافات التي تقع بين المواطنين بشكل متكرر للعمل على ايقاف التعدي الذي يقع او ازالته بسرعة اكبر اذا استدعت الحاجة وهذا الامر يتم بناء على طلب من المستدعي لمحكمة الصلح لوقف التعدي او ازالة الضرر الواقع ولقاضي الامور المستعجلة اذا ثبت له من ظاهر البينة المقدمة أو الخبرة التي يجريها صحة الادعاء يقرر وقف أو إزالة التعدي ولا ينفذ هذا القرار إلا بعد تقديم المستدعي كفالة تكفل كل عطل وضرر لحق المستدعي ضده إذا ظهر أن المستدعي غير محق في طلبه.

وبين ان هذا التعديل الجديد سيساهم في حل كثير من الخلافات التي تقع بشكل يومي كطلب وقف تعد على ارض من قبل شخص اخر يرمي بها مخلفات وحجارة او وقف تعدي على  منزل او اي امر اخر يمثل تعديا غير محق وسيساهم ايضا في تحقيق العدالة الناجزة واستيفاء المواطنين لحقوقهم بسرعة وتحقيق الغاية من وجود القضاء باعتباره الحارس للعدالة هذا كله دون الاخلال بحق المستدعى ضده من اقامة دعوى موضوعية لنفي وقوع الضرر وطلب التعويض ان كان له مقتضى.

واضاف الدكتور التلهوني ان مشروع القانون الجديد قد راعى مجموعة من الاعتبارات التي تحقق غاية القانون ومنها توسيع الاختصاص القيمي للدعاوى التي تنظرها المحكمة بحيث يجوز وفقا للمشروع ان تنظر محكمة الصلح القضايا التي يصل سقفها الاعلى (10,000) دينار بدلا من (7000) وهذا الأمر من المتوقع ان يؤدي ذلك لتخفيف العبء الملقى على عاتق محاكم البداية ويؤثر ايجابا على سرعة فصل الدعاوى.

وقال ان مشروع القانون الجديد ركز على معالجة الوقت الطويل الذي تستغرقه اجراءات تقديم وتسجيل لوائح الدعاوى لدى المحاكم واجراءات تقديم اللائحة الجوابية والى حين الفصل بالدعوى من حيث تحديد وضبط المدد المتاحة للمتقاضين بشكل واضح بحيث عملت احكام مشروع القانون على تقليل هذه المدد بالاضافة الى السماح للمتقاضين بتسجيل لوائح الدعاوى والرد عليها لدى المحكمة ودفع الرسوم بالوسائل الإلكترونية بما يحقق سرعة الفصل بالدعاوى وايصال الحقوق الى اصحابها في اقصر وقت ممكن  .

واشار الوزير  التلهوني أن القانون الجديد استحدث نصاً قانونياً جديداً على قانون محاكم الصلح الاردني وهذا النص معمول به في بعض الدول العربية المجاورة ويتعلق بما يسمى ( بأوامر الأداء ) بخصوص السندات سواء العادية أو الرسمية أو الأوراق التجارية واشترط لهذه الغاية أن يكون الدين نقوداً ومحقق الوجود و معين المقدار بحيث يحصل الدائن على حكم بالدين مباشرة ويكون قابلا للتنفيذ مع الاخذ بعين الاعتبار حق للمدين  الاعتراض على القرار أمام ذات المحكمة التي لها أن تنظر الاعتراض تدقيقاً أو مرافعة إذا وجدت ضرورة لذلك ويكون قرارها قابلاً للاستئناف بحيث من المتوقع ان يؤدي ذلك الى الحد من المماطلة والتسويف الذي يقع من المدين واختصار اجراءات الدعوى العادية وايصال الحق الى صاحبه بسرعة مادام محددا  .

ومن التعديلات الهامة التي ادخلها مشروع القانون – حسب الوزير التلهوني هو استحداث نص للمطالبات التي لا تتجاوز قيمتها ثلاثة الاف دينار تسمح للمحكمة بتعيين جلسة فور قيد الدعوى خلال مدة لا تزيد على (72) ساعة وعدم جواز تاجيل الجلسة لاكثر من هذه المدة والزام المحكمة باصدار حكم خلال عشرة ايام من تاريخ اكتمال تقديم المرافعات حيث ان من شأن هذا التعديل تسريع الفصل في الدعاوى والمطالبات في المبالغ القليلة .

واضاف الوزير التلهوني ان مشروع القانون الجديد حصر مسألة استئناف الدعاوى الصلحية  بمحكمة البداية بصفتها الإستئنافية الامر الذي سيخفف من العبء الملقى على محاكم الاستئناف حيث ان عدد محاكم البداية كبير اذا ما قورن بعدد محاكم الاستئناف في الاردن والذي يقتصر على ثلاثة محاكم فقط، وعليه فان التعديل من شأنه تسريع الفصل في الدعاوى ، بالاضافة الى التشابه بين الدور الذي تقوم محاكم الصلح مع محاكم البداية وبالتالي فانه من المتوقع ان ارسال ملفات القضايا الصلحية لمحاكم البداية لغايات الاستئناف  سيتطلب وقتاً اقصر مما لو تم ارسالها الى محاكم الاستئناف ، مما سيحقق مرونة وسرعة في الفصل بالدعاوى.

واضاف الوزير التلهوني بان مشروع القانون جعل لأثار الحكم الصادر وجاهياً اعتبارياً ذات الآثار المترتبة على الحكم الوجاهي في القضايا المدنية وذلك انسجاماً مع مشروع تعديل قانون اصول المحاكمات المدنية ولتسريع اجراءات التقاضي وللقضاء على المماطلة والتسويف التي تحدث بسبب التذرع بعدم التبليغ حيث يتطلب الوضع الحالي عند صدور الحكم وجاهيا اعتباريا ان يتم تبليغ المدعى عليه الحكم الصادر بحقه ليتسنى له الطعن به ، وقد يحدث ان يبقى الحكم غير مبلغ مدة طويلة بسبب عدم العثور على العنوان او لعدم ايجاد الشخص المعني بالتبليغ بالرغم من علم المدعى عليه ان هناك دعوى مقامة ضده ابتداءا وقد يحصل ان  يحضر بعض جلسات المحاكمة  من خلال وكيله ويكون قد تغيب بعد ذلك قصدا عن جلسات الحكم للحصول على وقت اكبر ولغايات المماطلة ، بينما في الحكم الوجاهي يتم حساب المدة لغايات الطعن من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم ولا يحتاج الامر الى تبليغ المدعى عليه كونه يكون وجاهيا ، وعليه فان التعديل ساوى بين حالة الحكم الوجاهي والحكم الوجاهي الاعتباري بمعنى انه سيتم احتساب مدة الطعن بالحكم لغايات صيرورته قطعيا من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم ودون الحاجة الى التبليغ في حالة الحكم الوجاهي الاعتباري الامر الذي سيقصر امد التقاضي ويمنع المماطلة ويحقق العدالة من خلال ايصال الحقوق الى اصحابها بشكل اسرع .

ولفت الوزير التلهوني الى ان المشروع المقترح سيساهم في التخفيف من الاثار المالية ولإقتصادية والاجتماعية من ناحية ايجابية ، حيث ان تقصير امد التقاضي واختصار اجراءات التقاضي وادخال وسائل التقنية الحديثة في الاجراءات القضائية سيخفف من المصاريف والجهد ، كما يحقق السلم والامن الاجتماعي بحيث تصل الحقوق الى اصحابها بأقل وقت ممكن . 

يذكر ان الوزارة كانت قد شكلت لجاناً  متخصصة لتطوير وتحديث منظومة التشريعات بما في ذلك قانون صلح المحاكم  حيث جاء مشروع القانون المعدل نتاج مشاورات ونقاشات مستفيضة لاعضاء اللجنة التي ضمت في عضويتها متخصصين من اصحاب الخبرة من قضاة ومحاميين واكاديميين وقانونيين.